قصر الحصن

الموقع:

يقع قصر الحصن في جزيرة أبوظبي التي ربطتها باليابسة يوماً مخاضة المدِّ والجزر بين بعض البيوت المشيدة من أحجار المرجان، وما يقارب المائة كوخ المشيدة من سعف النخيل، وقد بني القصر مقابلاً لشاطئ البحر بمسافة مأمونة، أما اليوم فقد تغيرت المعالم تماماً، إذ نجد القصر وقد ارتفعت حوله العمارات العالية البنيان في مدينة أبوظبي المعاصرة.

البعد الرمزي لقصر الحصن
إن قصر الحصن يمثل نقطة انطلاق إمارة أبوظبي وتطورها، وما زال يقف شاهداً على إنجازات حكامها السابقين، فقد كان القصر على مرِّ السنوات عصب الحياة السياسية لإمارة أبوظبي، كما كان مركز السلطة لحكامها من آل نهيان، وشاهداً على كثير من الأحداث التي مرت بها المنطقة على مدار السنين ومن أمور سياسية مواصلة تقدم أبوظبي اجتماعياً واقتصادياً حتى وصلت إلى ما هي عليه حالياً، كما تجدر الإشارة إلى أن دراسة تتعلق بهذا المعلم التاريخي كقلعة حربية أو قصر لا يمكن أن تتم بمعزل عن ذكر إنجازات آل بوفلاح الذين أقاموا وحكموا وقادوا الإمارة سياسياً واقتصادياً في مراحل نموها بوجه عام، فقد عرف قصر الحصن باعتباره مقراً لحاكم أبوظبي منذ أن صارت المدينة عاصمة قبلية لبني ياس قرب نهاية القرن الثامن عشر عندما أقيم حصن صغير حول بئر الماء ليكون معقلاً ومقراً سكنياً للحاكم وحصناً للدفاع، وقد تميز ببنائه الحجري بين الأكواخ التي يسكنها القرويون والمبنية من سعف النخيل وسط مساحة فسيحة من رمال الصحراء، وقد سيطر الحصن على مدخل جزيرة أبوظبي بموقعه المشرف والبارز من جهة البحر، وحمى المقر بأكمله، واتخذ لفترة طويلة بمثابة علامة معهودة للسفن المسافرة عبر الساحل.

يعتبر الحصن رمزاً لحكم زعماء آل نهيان حيث عاش شيوخ عديدون من آل بوفلاح في القصر ومارسوا الحكم منه منذ عام 1795 وحتى عام 1966 وخلال هذه الفترة شهد كافة التغيرات المهمة في تاريخ أبوظبي، وكان مركزاً للقوة، كما كان الاستيلاء عليه يعني الاستيلاء على معقل السلطة والقوة المعترف بها في أبوظبي، ولاشك أن تمركز القوة في هذه القلعة يعتبر ظاهرة سياسية واقتصادية في تاريخ المدينة، فإلى جانب كونه المقر الرسمي لإقامة الحكام، ومع غياب المباني البارزة في الإمارة، كان الحصن مقراً رئيسياً للممارسات الحكومية والإدارية، وبين جدران غرف مجالسه المتعددة، تم اتخاذ القرارات المهمة، كما تم رسم السياسات الحاسمة وتنفيذها من أجل بقاء الإمارة، وفي مناسبات تاريخية عدة، كان ملجأ لشيخ أبوظبي المحاصر ولسكانه في حال قيام منازعات أو حروب عائلية، وفي مثل تلك المناسبات، اعتمد قدر الحاكم والمشيخة نفسها على مدى قوة الحصن ومدى قدرته على الصمود في وجه خصومه، فقد عاصر القصر الكثير من الأحداث الدامية والمجيدة على مر السنين، ومن خلاله حفظ تاريخ عائلة آل بوفلاح حكام أبوظبي.

القيمة الفنية لقصر الحصن:

إضافة إلى ما يمثله قصر الحصن من بعد تاريخي وسياسي وتراثي، يعتبر قطعة معمارية فنية متميزة تدل على طرز عمارة الحصون والقلاع في منطقة الخليج عموماً لكن أبرز ما يميز القصر عن غيره انعكاسات النظرة الفنية المعمارية للخبراء والمهندسين العاملين على ترميمه في كل مرحلة من مراحل الترميم، فبعد الترميم الأول انعكست نظرة العاملين الإيرانيين من خلال ظهور الطراز الفارسي الذي أبعده عن طابعه المحلي وعندما شارك في ترميمه في مراحل لاحقة فريق تونسي برز الطابع الإسلامي لكن بوجود عناصر تونسية ظاهرة كما أن آخر ترميم للقصر وخاصة لجهة الديكور الداخلي أبعده عن البساطة التي كانت تميزه في السابق وأضفت عليه الكثير من الفخامة التي لا يألفها من سكنوه في مراحله الماضية

توجد داخل قصر الحصن الكثير من اللمسات الفنية المتميزة و الجميلة التي تعبر عن ذوق ساكنيه ولعل أبرز هذه اللمسات النقوش البارزة على جدران غرف الأجنحة التي كانت تسكنها عائلات الحكام وأهمها الجناحان الممتدان إلى طرفي الشرق والجنوب ولكل جناح طابقان وعدد كبير من الغرف، وقد وجدت نقوش بارزة وملونة وبسيطة في الطابق الأرضي من الجناح الجنوبي وفي كل غرفة ضمن كل الكوى العلوية بأقواسها الشبه دائرية، كما وجد نوعان آخران من هذه النقوش البارزة على الجدران المجاورة للكوى الملونة وهما إما نقوش زهرية أو ميداليات، وتمثلت فيها أشكال لطيور مثل الطاووس، ويلاحظ أنها كانت متكررة في مختلف الغرف باستثناء شكل واحد رسمت فيه غزالتان، كما أن هناك خمسة وأربعين شكلاً مرسوماً في هذه الغرف، بالإضافة إلى أشكال الطيور، توجد أيضاً رسوم لزهرية ورود تنبثق منها بانتظام، أو رسم إسلامي نموذجي أو باقات ورود بسيطة منفردة أو مجتمعة، وهناك رسم واحد لغزالين، وقد رسم (حسب المصدر) هذه الرسومات الفنان محمد البستكي الذي يرجع نسبه إلى أولئك الذين جاءوا من (بست) قرب (جناح) في إيران، لكن محمد نفسه ينتسب إلى البستكية في دبي، وهي المنطقة التي سكنها هؤلاء عند قدومهم من إيران وسميت باسمهم، ويرجع تاريخ رسم أحد النقوش البارزة على أحد الجدران إلى عام 1359هجري الموافق 1939م.

يضم قصر الحصن العديد من البوابات الخارجية والداخلية وتسمى البوابة محلياً (الدروازة) وجميعها مزخرفة بزخارف ذات طابع محلي كما تضم كافة غرف القصر وجدرانه العديد من النوافذ المستطيلة أو المربعة الشكل إضافة إلى الكوى الصغيرة والمتوسطة وخاصة الكوى المقوسة التي تعلو النوافذ أحياناً، كما دعمت إحدى الغرف بركيزة كبيرة تشبه إلى حد كبير جذع النخلة كما أن السقف مزخرف بأشكال مروحية تماشياً مع الركيزة الوسطية في الغرفة.

تربط بين أبراج القصر وغرفه ومجالسه العديد من الممرات والأروقة ولبعض الممرات سلسلة من الأقواس المتعددة الفصوص أغلقت في الوقت الحاضر بالزجاج، وتكون الأقواس إما ذات نصوص كبيرة كما في المداخل الرئيسية لكل جناح أو ذات فصوص صغيرة دقيقة كما في فتحات الممر المقوسة المتبقية.

* التسلسل التاريخي لبناء قصر الحصن:

يعتقد أن المبنى الأصلي قد تمَّ بناؤه بأمر من المرحوم شخبوط بن ذياب آل نهيان الذي حكم أبوظبي في الفترة ما بين 1793 وحتى 1886م وحول مركز سلطة عائلته من ليوا إلى جزيرة أبوظبي، وقد تألف في أول مرحلة من برجين مربعين وآخرين مدورين، ويعتقد أن أقدم إضافة للحصن حدثت خلال فترة حكم المرحوم الشيخ سعيد بن طحنون (1845 – 1855م)، وقد تمت إضافة رئيسية أخرى عام 1939م خلال فترة حكم المرحوم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان (1928 – 1966) وتعتبر هذه الإضافة المرحلة الثانية من بناء الحصن وكانت ما بين عامي 1940 و1941، وبعد اكتشاف النفط في المنطقة في حوالي 1960 – 1961م بدأ الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان يستقبل ضيوفاً ومستشارين مهمين لذا تطلب الأمر مكانا مخصصاً للاجتماعات أو (المجلس) مع مساحة مخصصة لمكتب تتم فيه إدارة الأعمال ولذلك تمت إعادة بناء الحصن القديم وخصص لهذا الغرض بينما استخدمت العائلة أجنحة الحصن الجديدة، وبعد مرور سنوات قليلة وفي عام (1964 – 1965) أضاف صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه دارين إلى ساحة المبنى لأغراض إدارية واعتبرت هذه المرحلة الثالثة من بناء الحصن وخصصت إحدى الدارين ديواناً للحاكم وكانت تستخدم كمكاتب إدارية، بينما احتل مركز الوثائق والدراسات الدار الأخرى، وما بين عامي 1976 – 1977 كلفت بلدية أبوظبي بتجديد مباني المرحلة الثانية وبدأ العمل عام 1978 وتم توصيل الكهرباء إلى المبنى وتركيب أنظمة عزل متطورة، وأضيفت إصلاحات متطورة ما بين عامي 1979 و1985م ففي عام 1979م أمر صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بضرورة تجديد بناء المبنى المخصص لسكن العائلة الحاكمة خوفاً من انهياره وفعلاً تم تجديد وإعادة بناء جميع أجزاء الحصن، واستمر العمل حتى عام (1984 – 1985) وهي المرحلة الرابعة من تاريخ بناء الحصن، وفي عام 1985 كانت المرحلة الخامسة في البناء وتضمنت إنجاز مشروع التصميم الداخلي للمبنى الذي نفذته شركة (مكية للاستشارات الهندسية).

· الوصف المعماري (الهندسي لقصر الحصن).

· المرحلة الأولى (الحصن القديم)

نظراً لعدم توفر أية وثائق خطية بخصوص أول بناء للحصن، وجب على الباحثين في هذا المجال الاعتماد على مصورات بركارد لعام 1903م. يتبين لنا أنه كان بناءً بسيطاً مربع الشكل بمدخل شمالي مقابل للبحر، وهو كغيره من مداخل الحصون الموجودة في المنطقة وعند النظر إليه من مسافة بعيدة يتسم ببوابته المستطيلة الشكل التي تبرز إلى الخارج والمباني التي يحيط بها السور في الداخل. للحصن مخطط أرضي مستطيل وبرجان أسطوانيا الشكل متقابلان قطرياً يقعان في الزاويتين الشمالية الشرقية، والجنوبية الغربية على التوالي. يصل بين هذين البرجين البارزين سور الحصن الخارجي ويظهران وكأن كلاً منهما بناء ذو طابق واحد. تستقر ثقوب السلاح العمودية (الرأسية) في الطابق الأول من البرج بالتناوب مع نوافذ مربعة وصغيرة تمتد حول البرج. لمتراس البرج نتوءات مثلثية الشكل تستخدم لإطلاق النار بالاتجاه السفلي. تتناوب الأخيرة مع ثقوب السلاح العمودية بينما تحتل ثقوب السلاح المدورة الجزء العلوي من البرج مباشرة تحت مستوى النتواءات العلوية للمتراس. يقف برج آخر في الزاوية الشمالية الغربية يسار المدخل الرئيسي للحصن ذو شكل مربع وطابق واحد. على واجهتي البرج الشمالية والغربية في طابقه الأول نافذة مربعة صغيرة محاطة من الجانبين بثقب سلاح عمودي. يصعب علينا تحديد شكل السقف وذلك لأن الزاوية الجنوبية الغربية لم تكن واضحة في أي من المصورات الموجودة.

تظهر في الصور الملتقطة ثلاثةُ مبانٍ أخرى:

· المبنى الأول يتساطح مع السور الغربي قرب البرج الجنوبي الغربي. ويظهر أنَّ هذا المبنى مكوّن من طابقين وله شكل مستطيل، جوانبه العريضة بجانب السور وارتفاعه أقل من ارتفاع البرجين الاسطوانيين، السالفي الذكر، ولكنه أعلى من السور. في طابقه الأول، نجد أنَّ هناك ثلاث نوافذ مربعة الشكل تقع على مسافات متساوية مع بعضها وتواجه الجهة الخارجية. أما في طابقه الثاني، فنجد أنّ هناك تسع كوى مقوسة تقع أيضاً على مسافات متساوية من بعضها على امتداد الجدار مع وجود فتحة صغيرة فوق كل قوس. يتبين لنا أنّ الواجهة الشمالية العلوية للمبنى فيها ثلاث كوى متشابهة موزعة عبر مساحة الجدار ويمكننا القول بأن نفس الصيغة متكررة في الطابق العلوي من المبنى في كلا الجانبين. أما باقي أجزاء المبنى فلم يتم التعرف عليها.

· المبنى الثاني أيضاً له شكل مستطيل وقد يكون ارتفاعه أيضاً مماثلاً للمبنى الأول وله طابقان. ويقع مقابلاً للمبنى الأول ويتساطح مع السور الغربي للحصن. مساحته أصغر من سابقه وله أربع كوى مقوسة على واجهته الغربية واثنتان على واجهته الشمالية.

· المبنى الثالث هو أيضاً ذو شكل مستطيل وله نفس الارتفاع ولكن يظهر أنه أكبرُ مساحةً من سابقيه ويقع في الزاوية الجنوبية الغربية من الحصن بموازاة السور الجنوبي وقد يتساطح معه. هذا ويتضح لنا أن ما سبق هو كل ما يمكن استخلاصه من صورة عام 1903.

في الأربعينيات، أوعز المرحوم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان ببناء جناحين كبيرين لإضافتهما إلى جهتي الشرق والجنوب من الحصن متصلين بجدار خارجي إلى الشمال والغرب، لاحتواء الحصن الأصلي في الداخل. لكل جناح طابقان وعدد كبير من الغرف لسكن عائلة الحاكم المباشرة وكذلك عوائل اخوانه باستثناء صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله الذي كان يسكن في العين معظم الوقت في ذلك الحين. أضيف برجان أسطوانيان مختلفا الأبعاد قرب الأبراج القديمة وكانا متقابلين قطرياً. لا يمكننا التكهن بحالة الأبراج القديمة ولكن وجود صورة جوية غير مؤرخة يبين لنا أن البرج الجنوبي الغربي قد هُدّم في وقت ما وشيّد في الزاوية الشمالية الغربية برج آخر مربع الشكل، مما ترك الزاوية المقابلة مجردة من الأبراج.

المرحلة الثالثة:

لا يوجد في يومنا هذا أي أثر لأي من مباني هذه المرحلة وكان الأساس في دراستها هو المعلومات التي جمعت من د. هيردبي والصورة الوحيدة التي ربما تعود إلى تاريخ أواخر الستينيات. هذا بالإضافة إلى روايات متفرقة حصلت عليها من والدي الدكتور طارق المتولي الذي شغل منصب مستشار لسمو ولي العهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بين عامي 1968 و1970. أضيفت إلى المدخل الرئيسي للحصن في هذه المرحلة غرفة علوية بارزة إلى الخارج كجزء من البوابة وكان هناك سلم يصل بينها وبين الأرض متساطحاً مع الجزء الداخلي للجدار الشمالي الخارجي. اعتلت الغرفة هذه قبّة ودُعّمت بعمودين ركنيين خلفيين. تجدر الإشارة هنا، وبرغم ندرة المعلومات، إلى احتمال أن تكون الواجهة الشمالية للبوابة هي نفسها الموضحة في الجهة الشرقية من المدخل وعلى الجانب الخارجي كانت هناك أرض مسقّفة فيها مقاعد إسمنتية كانت تُستخدم لاستقبال الزوار والضيوف من الحاكم، كما أجريت فيها العديد من المراسيم الرسمية كتلك التي تم فيها توزيع المساكن على المواطنين من ذوي الدخل المحدود.

أما المبنى الذي كان واقعاً إلى يمين البوابة فقد هدّم واستبدل بحوض زهور كبير. وقد أُبقي على البرج الشمالي الغربي في حين أعيد بناء المبنى الواقع عند السور الغربي من الحصن وتحول إلى مبنى ذي طابقين ليكون بمثابة مجلس رسمي في طابقه الأرضي وغرفة طعام في الطابق الأول. كان المجلس مستطيلاً في مخططه مع رواق يؤدي إلى دكة مفتوحة بجانب السور الخارجي غير ملامس له. يتألف الطابق العلوي من غرفتين إحداهما هي غرفة الطعام والأخرى أصغر بكثير تقع في الجانب الخلفي من الأولى. لغرفة الطابق العلوي نوافذ بمواجهة السور الخارجي الذي كان يحتوي بدوره على فتحات تشبه النوافذ الصغيرة بقضبان حديدية وكانت تقع هذه الأخيرة على نفس المستوى لنوافذ غرفة الطعام في الجهة المقابلة منها مما ساعد على إحداث دورة هوائية جديدة. تتناقض هذه التفاصيل مع ما جاء في رواية الدكتور طارق المتولي حيث يقول إن الطابق العلوي كان يضم غرفة واسعة استخدمت من قبل معالي عبدالله الطائي المسؤول عن الإعلام آنذاك، بالإضافة إلى السيد إبراهيم الحديدي عضو المجلس الاتحادي، ومسؤول الشؤون الخارجية في ذلك الحين. تمت إضافة مكاتب جديدة عبر السور الجنوبي ابتداءً من نصفه باتجاه الزاوية الجنوبية الشرقية ثم رجوعاً إلى السور الشرقي، وقد استخدمت هذه كمكاتب إدارية.

لوحظ وجود مبنيين على السور الشرقي، يبدأ أحدهما من الزاوية الجنوبية الشرقية محتلاً ثلثي السور، وكان هذا المبنى أرضياً، أما المبنى الثاني فكان يحتل ما تبقى من السور باتجاه الشمال، وكان ذا طابق واحد تشغله دائرة المالية التابعة للديوان، كما كان هناك رواق على السور الجنوبي قرب الزاوية الجنوبية الشرقية يؤدي إلى مخرج بسيط ربما بعدة درجات سلم منحدرة باتجاه الجزء الداخلي الخاص من الحصن مقابل الجناح الجنوبي. وُجد أيضاً أنَّ هناك مخرجاً آخر على نفس السور باتجاه المركز ربما ينتهي بباب وعدة درجات سلم تؤدي هي الأخرى إلى الصحن الداخلي للقصر.

أما الساحة الوسطية من هذا الحصن القديم، فكانت تستخدم كلما كان الطقس يسمح بذلك، كمجلس مفتوح لاستقبال الضيوف ولتصريف شؤون الإمارة من قبل صاحب السمو الحاكم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وكان هناك مجلس كبير آخر، بني من قبل المرحوم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، في الجانب الشرقي من البرج الشمالي الشرقي يسير بموازاة السور الخارجي حتى بداية الجناح الغربي الجديد. وهذا أيضاً استخدم من قبل صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بعد توليه الحكم.

شُيّدت مبانٍ فوق ركائز ذات طابقين في الساحة الداخلية للحصن، بين الأجزاء القديمة والجديد وبموازاة الجناح الجنوبي. تَحول أحد هذه المباني، بعد عام 1966م، إلى مكتب للحاكم صاحب السمو الحاكم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وولي العهد سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حيث استخدم كلاهما ذات المكان الذي كان يحتل الطابق العلوي. إضافة إلى عدد من المكاتب المجاورة التي شغلها العديد من الإداريين والمبنى الذي خصص الطابق الأرضي منه لمركز الوثائق والدراسات.

لم يُعرف أكثر مما جاء من معلومات عن هذه المباني حيث هُدمت بعد أعوام قليلة خلال حملة الترميمات التي حدثت في الثمانينات.

المرحلة الرابعة:

بدأت حملة ترميم الحصن الأخيرة عام 1979 واستمرت حتى عام 1984م – 1985م. هُدِّم الحصن القديم تماماً عام 1973 مع اسمنته المرقع باستثناء برجه المدور الذي يعتقد أنه كان مركزاً أساسياً للدفاع في الجزء الشمالي الشرقي من الحصن، فقد هدم ما تبقى من القلعة القديمة تماماً وأعيد بناؤها بينما رُمّم الجزء الذي بناه الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان في الأربعينيات، أي الجناحان الخارجيان اللذان يَضُمان اليوم مركز الوثائق والدراسات.

توضح رسومات عام 1983م عن الحصن القديم وجود مبانٍ عديدة فيها عدد من الأبراج والبوابات إضافة إلى الحصن القديم في شكله الحالي.

المرحلة الخامسة:

لقد أجريت لهذا الحصن منذ عام 1985 حتى يومنا هذا أعمال ترميم ثانية أو "المرحلة الثانية من ترميمات 1984م" يطلق على أعمال الترميم الحالية "تصميم داخلي" لكنها اقتضت أعمالاً إضافية أكثر مما كان مخططاً لها.

تجدر الإشارة أخيراً وبالنسبة إلى التصميم الداخلي للحصن إلى أنه بالرغم من أن المنظر الجديد للحصن يُعد جذاباً لكنه قد اكتسب بعض السمات الجديدة، حيث نجد أنَّ أرضية الممرات قد فرشت بسجاد إيراني وكذلك نجد أن المشاجب الخشبية البسيطة التي كانت توضع على الجزء الخارجي من مداخل وأبواب الغرف لتعليق بعض الملابس قد تحولت إلى قطع جدارية أكثر تعقيداً. هذا وتمت المحافظة على الرسومات الجدارية بألوانها الزاهية وتقسيماتها الأصلية في غرف الجناح الجنوبي.

نجد أيضاً أنَّ هناك، اليوم خزائن خشبية دقيقة الصنع وقد غطت الأعمدة بين نوافذ نفس الممرات، ونجد هناك ثريّات خشبية ملونة ومنمقة تتدلى من سقوف ملونة أيضاً. معظم هذه السمات الحديثة المضافة، نجدها قد أضفت جواً من الفخامة والتكلّف وابتعدت عن البساطة التي عرف

منقول...

طرح مميز ورائع
لاعدمنا طلتك وحضورك
دمتي بهذا العطاء